منهاتن: قصة جزيرة بيعت يوما بـ24 دولارا وقيمتها اليوم نحو 2 تريليون دولار | 28 نوفمبر

 

فيديو

منهاتن: قصة جزيرة بيعت يوما بـ24 دولارا وقيمتها اليوم نحو 2 تريليون دولار

اثنين, 22/11/2021 - 17:18

في مثل هذا الوقت من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1626 قام السكان الأصليون للولايات المتحدة ببيع جزيرة منهاتن في مدينة نيويورك الأمريكية والتي تعتبر حاليا من أهم المناطق في العالم بـ 24 دولارا فقط. بحسب رسالة محفوظة في الأرشيف الوطني الهولندي في لاهاي.

وتقول رسالة بيتر شاغن المسؤول بشركة الهند الغربية الهولندية لحكومة بلاده إن الحاكم الهولندي بيتر مينويت، توصل لاتفاق حصل من خلاله على ملكية جزيرة مانهاتن من السكان الأصليين لصالح الهولنديين مقابل بضائع قُدرت قيمتها بنحو 60 غيلدرا (24 دولارا).

فما هي قصة حي منهاتن؟

تقول دائرة المعارف البريطانية إن مانهاتن حي في مدينة نيويورك التي تقع في جنوب شرق ولاية نيويورك بالولايات المتحدة. ويقع الحي بشكل رئيسي في جزيرة مانهاتن ومنطقة ماربل هيل في البر الرئيسي ويشمل عددا من الجزر الصغيرة في النهر الشرقي.

وتأتي كلمة مانهاتن من إحدى لهجات الأمريكيين الأصليين في لينابي، ويمكن ترجمتها على أنها "غابة حيث يمكن العثور على الخشب لصنع أقواس" حيث كان القوس والسهم وسيلة رئيسية للصيد.

وتم تسجيل الاسم لأول مرة كتابة باسم مانهاتا في سجل على متن سفينة هنري هودسون، وكان أول مستكشف هولندي يزور المنطقة في عام 1609.

وأسفرت رحلة هودسون عن تأسيس أول مستوطنة وحصن هولنديين على طرف مانهاتن في عام 1624.

وتقول رسالة محفوظة في الأرشيف الوطني الهولندي في لاهاي إن بيتر مينويت، أول مدير عام لمقاطعة "نيو نيذرلاند" هولندا الجديدة، قد اشترى في عام 1626الجزيرة من السكان المحليين (الذين اختلف المؤرخون بشأن انتمائهم إلى قبائل لينابي أو ديلاوير أو مونسي أو ألغونكوين) على الأرجح بسلع تجارية بقيمة 60 غيلدرا (24 دولارا). بحسب دائرة المعارف البريطانية.

وقد تحولت المنطقة إلى مدينة حملت اسم "نيو أمستردام" أمستردام الجديدة.

بيتر مينويت

ولد بيتر مينويت في عام 1580 في ويسل بكليف في ألمانيا وتوفي في يونيو/حزيران من عام 1638 في منطقة البحر الكاريبي، وهو الحاكم الاستعماري الهولندي الذي يُذكر بشكل أساسي لشرائه جزيرة مانهاتن (نواة مدينة نيويورك) من السكان الأصليين مقابل بضائع بقيمة 60 غيلدرا فقط.

وعلى الرغم من احتمال أن يكون مينويت من أصل فرنسي، فقد كتب باللغة الهولندية وكان شماسا في الكنيسة الهولندية المحلية في مسقط رأسه ويسل (الآن في ألمانيا).

وفي عام 1625 غادر مينويت ويسل ربما هربا من الأسبان الذين احتلوا المدينة، ومن هولندا أبحر إلى مستعمرة "نيونيذرلاند" هولندا الجديدة لكن يبدو أنه عاد إلى هولندا في نفس العام، لأنه في يناير/كانون الثاني من عام 1626 أبحر غربا مرة أخرى، ووصل إلى مصب نهر هودسون في 4 مايو/آيار من عام 1626.

وقد عينته شركة الهند الغربية الهولندية في 23 سبتمبر/أيلول من ذلك العام مديرا عاما للمستعمرة في مانهاتن.

ولإضفاء الشرعية على الاحتلال الأوروبي للإقليم، التقى بالسكان المحليين وأقنعهم بنقل "ملكية" (وهو مفهوم كان غريبا عن الأمريكيين الأصليين عندما يتعلق الأمر بالأرض) الجزيرة بأكملها للمستوطنين.

وتشير سجلات تاريخية إلى أنه تم شراء الجزيرة بقيمة 60 غيلدرا (24 دولارا) من البضائع من قماش وخرز زجاجي.

وفي الطرف الجنوبي لنيو أمستردام تم بناء حصن حتى يتمكن المستوطنون الهولنديون الأوائل من بناء منازلهم.

في عام 1631 تم استدعاء الحاكم مينويت إلى هولندا، على الأرجح لمنحه امتيازات لرعاة على حساب شركة الهند الغربية الهولندية.

وبعد سنوات قليلة دخل الخدمة السويدية وأعطي قيادة سفينتين محملتين بالمستوطنين السويديين، الذين أسسوا في مارس/آذار من عام 1638 (نيو سويدن) السويد الجديدة، وهي أول مستوطنة على نهر ديلاوير.

وهناك اشترى مينويت مرة أخرى الأرض الممتدة غربا من نهر ديلاوير بين بومباي هوك ومصب نهر شويلكيل، حيث قام ببناء حصن كريستينا (لاحقا ويلمنغتون)، الذي سمي على اسم ملكة السويد كريستينا.

وفي رحلة استكشافية تجارية بعد فترة وجيزة إلى جزيرة سانت كريستوفر (الآن سانت كيتس ونيفيس) في جزر الهند الغربية، فُقد مينويت في البحر بسبب إعصار.

مدينة نيويورك

استولى البريطانيون على الجزيرة ومدينة نيو أمستردام كلها عام 1664 حيث تم تغيير اسمها إلى (نيويورك) يورك الجديدة بعد أن قام تشارلز الثاني ملك إنجلترا بمنح تلك الأراضي لأخيه دوق يورك، كما أن عددا كبيرا من المهاجرين إليها بعد ذلك كانوا من مدينة يورك البريطانية.

وقد لعبت المدينة دورا بارزا في تاريخ الأمة المبكر عسكريا وسياسيا.

فقد اجتمع الكونغرس هناك حيث كانت المدينة عاصمة للبلاد بين عامي 1785 و1790، وتم تنصيب جورج واشنطن هناك في عام 1789 أول رئيس أمريكي.

ثار المستوطنون الأوروبيون في أمريكا الشمالية على الحكم البريطاني في عام 1775

وتطورت مانهاتن في القرن التاسع عشر، وخاصة بعد افتتاح قناة إيري في عام 1825، حيث باتت قلب مدينة مزدهرة ومتوسعة.

وفي عام 1898 تم تشكيل مدينة نيويورك الكبرى عندما انضمت مانهاتن إلى الأحياء التي تم إنشاؤها حديثا، وهي بروكلين وكوينز وريتشموند وبرونكس.

وتعتبر مانهاتن من أهم المراكز التجارية والمالية والثقافية في العالم وتشتهر بالعديد من المناطق الجاذبة للسياح.

وتقول دراسة أجراها اقتصاديون من جامعة روتغريس إن قيمة الأراضي في الجزيرة تصل إلى نحو 2 تريليون دولار حاليا.

ومن بين مواقع الجذب في منهاتن.. شارع برودواي، أحد أشهر الشوارع في العالم، والحي المالي في وول ستريت، وناطحات السحاب مثل مبنى إمباير ستيت، وقرية غرينتش وهارلم وسنترال بارك، ومقر الأمم المتحدة، والعديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية، بما في ذلك متحف الفنون، ودار الأوبرا، ومتحف الفن الحديث ، وجامعة كولومبيا، وفرعين لجامعة مدينة نيويورك، وجامعة نيويورك.

وتشكلت منطقة تايمز سكوير، ميدان في وسط منهاتن، من تقاطع شارع سيفينث أفينيو، وشارع 42، وبرودواي، كما أن هذه المنطقة هي مركز منطقة المسرح في المدينة.

وعُرف هذا الميدان في السابق باسم لونغ أكر، وكانت سمعته سيئة كمركز للنشاط غير المشروع في تسعينيات القرن التاسع عشر.

وتمت إعادة تسمية الساحة في عام 1904 على اسم صحيفة نيويورك تايمز، التي فتحت مكاتبها الجديدة في برج التايمز بالميدان.

وعلى الفور تقريبا أصبحت الساحة المكان الذي تجمع فيه سكان نيويورك للاحتفال بقدوم العام الجديد.

وفي عام 1907 بدأت صحيفة التايمز بإنزال كرة زجاجية ضخمة أسفل سارية العلم في منتصف ليلة رأس السنة للاحتفال بهذه المناسبة.

وعندما ضرب الكساد الكبير، بدأت المسارح في تايم سكوير في الإغلاق وتم تحويلها في كثير من الأحيان إلى مسارح للصور المتحركة.

وبحلول الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أصبح تايم سكوير مركزا للترفيه الإباحي وعادت مرة أخرى إلى الجريمة.

وشهد تايم سكوير في التسعينيات ظهور متاجر ومسارح ومطاعم كبيرة مناسبة للسياح، وغالبا ما يُنسب الفضل في ذلك لدعم العمدة رودي جولياني والاستثمار في المنطقة من قبل شركة ديزني.

وتتسم نيويورك بالتنوع السكاني إذ يوجد بها يهود أكثر من تل أبيب، وأيرلنديون أكثر من دبلن، وإيطاليون أكثر من نابولي، وبورتوريكيون أكثر من سان خوان.

ويعد تمثال الحرية رمزا للمدينة، لكن المدينة هي نفسها رمز، فهناك الساحة التي يتحول فيها أناس من كل أمة إلى أمريكيين، وإذا بقوا في المدينة فإنهم يصبحون من سكان نيويورك.

وعلى مدى القرنين الماضيين، كانت نيويورك أكبر وأغنى مدينة أمريكية حيث جاء أكثر من نصف الأشخاص والبضائع التي دخلت الولايات المتحدة عبر مينائها، وقد أحدث هذا التيار التجاري تغييرا مستمرا في حياة المدينة.

لقد كانت مدينة نيويورك ذات يوم عاصمة ولايتها ودولتها لكنها تجاوزت هذه المكانة وأصبحت مدينة عالمية.

ويبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة، وقد اشتهرت نيويورك بأسماء من قبيل .. عاصمة العالم والمدينة التي لا تعرف النوم والتفاحة الكبيرة والمدينة الإمبراطورية.

رمز نيويورك

ويعد تمثال الحرية هو رمز مدينة نيويورك، وهو عبارة عن امرأة ترتدي وشاحا يونانياً وتحمل مشعلا في إحدى يديها، وتمسك بالأخرى كتابا، ويتغنى الملايين باسمها.

هذه هي الحرية كما تخيلها الفنان الفرنسي فريدريك أوغستيه بارتولدي، الذي صمم تمثال الحرية الشهير القائم عند مدخل مدينة نيويورك، والذي أصبح أحد أشهر التماثيل في العالم، ورمزا عالميا للحرية.

واستخدم بارتولدي، الذي ولد في إقليم الألزاس الواقع شمال غرب فرنسا عام 1834، السلاسل المفككة عند قدم التمثال للتعبير عن التخلص من الطغيان، واستخدم تاجاً له سبعة أعمدة للتعبير عن القارات والبحور السبع في العالم كما جاءت في الأساطير اليونانية، ويحمل التمثال كتابا عليه عبارة باللاتينية هي "4 يوليو 1776"، وهو يوم عيد الاستقلال في الولايات المتحدة.

ويظهر التمثال بصورة من يخطو إلى الأمام للتعبير عن التقدم نحو الحرية، ويحمل مشعلا للتعبير عن أن الحرية تتحقق بالاستنارة، ومن هنا جاء الاسم الرسمي للتمثال وهو "الحرية تنير العالم".

وأزيح الستار عنه رسميا في 28 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1884 بعد إتمام صناعته في ورش العاصمة الفرنسية باريس.

وقرر الرئيس الأمريكي وقتها غروفر كليفيلاند قبول تمثال الحرية بالنيابة عن الشعب الأمريكي كهدية من فرنسا للتعبير عن الصداقة بين الشعبين.

وتوجد على قاعدة التمثال قصيدة للشاعرة الأمريكية إيما لازاروس. وتم حفر كلمات القصيدة على لوحة برونزية على قاعدة تمثال الحرية بعد وفاتها بـ 16 سنة.

وفي أغسطس/ آب من عام 2019 سلطت الأضواء على تلك القصيدة عندما قدم أحد مسؤولي الهجرة في الولايات المتحدة تفسيراً جديداً لأحد أبيات الشعر المحفورة على قاعدة تمثال الحرية، في معرض الدفاع عن سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب القاضية بمنع معونات الطعام عن المهاجرين.

وتقول الجملة "هات المتعبين، والفقراء، والجموع التواقة لنسمات الحرية".

وأضاف رئيس خدمات المواطنة والهجرة، كين كوتشينيللي، الجملة التالية إلى بيت الشعر السابق: "القادرين على الوقوف على أقدامهم، ومن لا يصبحون عبئاً عاماً".

ثم قال لاحقاً إن القصيدة التي أُخذت منها العبارة تخص"المهاجرين القادمين من أوروبا".

في حواره مع شبكة الإذاعة الوطنية العامة، سألته المذيعة راشيل مارتن: "هل تتفق مع أن كلمات إما لازاروس (مؤلفة القصيدة) المحفورة على تمثال الحرية هي جزء من ميثاق القيم الأمريكي؟"

فأجاب: "بالتأكيد" وأضاف إليها "القادرين على الوقوف على أقدامهم، ومن لا يصبحون عبئا عاماً".

وتابع: "اللوحة وضعت على قاعدة التمثال في نفس الوقت الذي أُقر فيه أول قانون للرسوم العامة. وهو توقيت مثير للاهتمام".

وكرر كوتشينيللي تصريحاته لاحقاً في مداخلة مع محطة سي إن إن، لكنه أنكر تهمة محاولة إعادة كتابة القصيدة. وأصر على أنه كان يجيب على سؤال وُجه إليه، واتهم اليسار بمحاولة "تحريف" تعليقاته.

وسألته مذيعة سي إن إن، إرين بورنيت، عن القيم التي تمثلها الولايات المتحدة، فقال: "بالتأكيد تشير القصيدة إلى القادمين من أوروبا، حيث المجتمعات القائمة على التمييز الطبقي، وكان الناس يواجهون مصيراً مظلماً إذا لم ينتموا للطبقة الصحيحة".

 

المصدر: بي بي سي عربي