لجأت قوات الأمن السودانية إلى قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرتين مناهضتين للانقلاب العسكري، اليوم الأحد، وألقت القبض على عشرات المتظاهرين.
وتظاهر المئات في عطبرة شمالي البلاد، مردّدين شعار "لا للحكم العسكري"، كما تظاهر المئات في حيّ بري شرقيّ العاصمة، وفق ما أفاد شهود عيان للوكالة الفرنسية للأنباء.
لكن الحياة مع ذلك، بدت شبه طبيعية وسط الخرطوم رغم دعوات من تجمع المهنيين السودانيين للعصيان المدني يومَي الأحد والاثنين، وذلك احتجاجا على الانقلاب الذي شهدته البلاد الشهر الماضي.
وفي غضون ذلك، أقال قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، جميع مديري البنوك الرسمية في البلاد، بعد قرار بصرف جميع مديري الشركات العامة.
وفي صباح الأحد أغلقت محال تجارية عديدة أبوابها في الخرطوم، وبحري، وأم درمان.
وأمضى متظاهرون ليلة السبت في بناء متاريس وقطع الشوارع في العاصمة وضواحيها، بحسب ما أفاد شهود عيان.وكان المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية في السودان يتطلعون إلى خروج حشود كبيرة في مدن البلاد، الأحد أول يومَي العصيان المدني.
ويرغب منظمو المظاهرات في زيادة الضغط على الحكومة العسكرية ودفعها إلى العودة لمسار الانتقال إلى حكم مدني.
خاصية الرسائل النصيّة
وتمكّن تجمع المهنيين من نشر دعواته للعصيان عبر خاصية الرسائل النصية كمحاولة للتغلب على انقطاعات الإنترنت في السودان منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول يوم وقوع الانقلاب.
ولعب تجمع المهنيين، الذي يمثل مظلة لعدد من النقابات السودانية، دورًا محوريًا في المظاهرات التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير من حكم البلاد.
مواكب المتاريس
وفي بيان عبر تويتر، قال تجمّع المهنيين السودانيين: "نعلن تصعيدنا الإضافي تحت مسمى "مواكب المتاريس"، متعهدًا بأنه "لا تفاوض، ولا شراكة، ولا شرعية".
وحث التجمع المتظاهرين على البدء بقطع الشوارع الرئيسية ليل السبت تمهيدا للعصيان المدني يومي الأحد والاثنين، محذرًا من مغبة التصادم مع قوات الأمن.
وهاجمت قوات الأمن وقفة سلمية نظمتها لجنة المعلمين اليوم الأحد أمام وزارة التعليم رفضًا للانقلاب، بحسب شهود عيان.
وقال محمد الأمين، وهو مدرس جغرافيا: "لقد نظمنا وقفة صامتة احتجاجا على قرارات البرهان، ثم جاءت الشرطة وأطلقت علينا قنابل الغاز رغم أننا كنا وقوفًا في الشارع نحمل لافتات منددة بالحكم العسكري وداعية إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية".
وقالت نقابة المعلمين السودانيين إن "عددا كبيرا من المدرسين تم اعتقالهم". وقال تجمع المهنيين عبر تويتر إن قوات الأمن اعتقلت خمسة معلمين ومعلمتين واقتادهم إلى جهة مجهولة.
وفي غضون ذلك تنعقد مباحثات، مع وصول وسطاء من الجامعة العربية للعاصمة الخرطوم في محاولة لنزع فتيل الأزمة.
ويكثّف مفاوضون من الجامعة العربية، وجنوب السودان، والأمم المتحدة الجهود لحل الأزمة السودانية.
وقوبلت تظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف في أنحاء السودان يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، بقمع شديد من قوات الأمن مما أدى إلى سقوط 14 قتيلا ونحو 300 جريح بين المتظاهرين، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المستقلة.
وكان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد أعلن قبل نحو أسبوعين عن حلّ الحكومة فضلا عن المجلس السيادي الحاكم بمكوّنيه العسكري والمدني، والذي كان مفترضا أن يقود البلاد قبل أن يسلمها لحكومة مدنية خالصة.
كما أعلن البرهان حالة الطوارئ وأمر باعتقال قيادات مدنية بينها رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وعدد من أعضاء حكومته.
ولا يزال حمدوك قيد الإقامة الجبرية، ويواجه ضغوطا من القادة العسكريين للتعاون معهم، بحسب مراسل بي بي سي في الخرطوم.
وأثار الانقلاب العسكري في السودان انتقادات دولية، وتهديدات من مانحين بقطع المساعدات، ومطالب بعودة سريعة إلى حكم مدني.
ويصرّ البرهان على أن ما حدث ليس انقلابا، وإنما حركة لـ"تصحيح مسار الانتقال".
نقلا عن: بي بي سي عربي