يبدو أن حادثة استهداف السفينة التي تُشغلها شركة إسرائيلية، في بحر العرب قبالة سواحل سلطنة عُمان، لن تكون تداعياتها كباقي الحوادث المشابهة التي جرت خلال الشهور الماضية في عرض البحر، والتي تم الإعلان عنها رسميًا أو التي بقيت بعضها طي الكتمان وحبيسة درج السرية.
الحادثة الأخيرة التي أسفرت عن مقتل شخصين أحدهما مواطن بريطاني والآخر قبطان روماني، وسارعت إسرائيل لاتهام الجمهورية الإيرانية بالوقوف خلفها، هزت دولة الاحتلال وكشفت عن مدى قدرة إيران باستهداف السفن المملوكة لشركات إسرائيلية في عرض البحر، وفق ما نقلته وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية.
ويقول المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" رون بن يشاي، إن تنفيذ الهجوم على السفينة دل على أنه قد تم الإعداد له بشكل مسبق، وأثبت أن إيران تملك قدرات استخبارية متقدمة.
وفي تحليل نشره الموقع، توقع بن يشاي أن ترد إسرائيل بشكل مؤكد على الهجوم الذي “خلط الأوراق”، وأظهر أن إيران مستعدة لتحمل المخاطر مقابل ردها على الهجمات الإسرائيلية، لافتًا إلى أن إعلان وسائل إعلام إيرانية أن الهجوم على السفينة جاء للرد على الهجمات الإسرائيلية في سورية، يدل على أن الحرس الثوري الإيراني نفذ ما يبدو أن “حزب الله” عاجز عن تنفيذه انطلاقاً من سورية.
وحسب بن يشاي، فإنه من غير المستبعد أن الهجوم يحمل أيضاً رسالة إيرانية إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، مفادها أن طهران لن تتردد في إشعال الخليج في حال لم يتم تأمين مصالحها في الاتفاق النووي.
كما حذر محلل الشؤون الأمنية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلي يوسي ملمان، حكومة الاحتلال من اللعب بالنار في حرب بحريّة مع إيران، تكون فيها الحلقة الأضعف.
وقال ملمان في تحليل له في صحيفة “هآرتس” اليوم السبت: “إنَّ هذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها استهداف على صلة بإسرائيل”، مشيراً إلى أن “إسرائيل هي التي بدأت عندما عملت طوال عامين ونصف العام على تخريب سفن إيرانية”، مضيفًا “إسرائيل تلعب بالنار، معللاً ذلك بأنَّ 90% من البضائع الإسرائيلية تمرُّ عبر مساراتٍ بحرية”.
ويشار إلى أن تقارير دولية أشارت إلى أن وحدة “القوة 13″، وهي وحدة النخبة التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، تولت مهمة تنفيذ الهجمات ضد السفن الإيرانية في حوض المتوسط وفي البحر الأحمر.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، هي الأخرى نقلت عن مصدر استخباراتي إسرائيلي، قوله إن توقيت استهداف السفينة التي تشغّلها شركة إسرائيلية الملكية، يدل على قيام إيران بتوسيع هجماتها البحرية ضد إسرائيل، مضيفًا أن “طهران كانت سابقا تعتدي على أهداف بحرية ردا على هجمات منسوبة لإسرائيل في البحر، إلا أن الاعتداء الأخير جاء في أعقاب هجمات نُفذت على أهداف برّية تابعة لإيران وحلفائها”.
يأتي ذلك في ظل التقارير التي تفيد بأن الهجوم الذي استهدف سفينة بملكية يابانية مُشغَّلة بواسطة رجل أعمال إسرائيلي، عندما كانت في طريقها من تنزانيا إلى الإمارات، جاء ردا على هجوم إسرائيلي نفذ ليل 21 – 22 تموز/ يوليو الجاري، واستهدف مواقع لـ”حزب الله” اللبناني في منطقة القصير بمحافظة حمص وسط سورية.
وبحسب قناة “العالم” الإيرانية، فإن الهجوم الإسرائيلي الأخير في سورية والذي استهدف مطار الضبعة في منطقة القصير، أدى إلى مقتل اثنين من عناصر “حزب الله”.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين إسرائيليين قولهما إن “السفينة تعرضت لهجوم بواسطة عدة طائرات مُسيرة إيرانية انفجرت قرب حجرات الطاقم تحت جسر القيادة، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقم السفينة”.
وأشارت التقارير إلى أن الهجوم الذي استهدف السفينة قبالة سواحل عُمان، يُعد بمثابة الهجوم الخامس الذي تستهدف من خلاله إيران سفينة ذات صلة بإسرائيل خلال الفترة الأخيرة؛ إذ شهدت الأشهر الماضية العديد من الحوادث المشابهة، التي تأتي في سياق تصاعد المواجهة البحرية بين الجانبين.
وعلى صلة، لفتت التقارير الإسرائيلية إلى أن القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل أجرت، الليلة الماضية، مشاورات مكثفة حول سبل الرد على الهجوم الذي استهدف سفينة “ميرسير ستريت”، التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي، إيال عوفر.
وبحسب التقارير، فإن وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، أجرى مشاورات مكثفة مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، وقيادات عسكرية وأمنية أخرى، لبحث سبل الرد على استهداف السفينة.
وبحث غانتس وكوخافي أشكال الرد العسكري والسياسي المحتملة وذلك بعد استعراض المعلومات الاستخبارية التي بحوزة إسرائيل عن الهجوم.
وذكرت التقارير أن وزارة الأمن الإسرائيلية ستزود وزارة الخارجية بالمعلومات التي بحوزتها من أجل التحرك على المستوى السياسي والبدء بحراك دبلوماسي واسع لإطلاع المجتمع الدولي على حيثيات الهجوم.
ونقلت القناة العامة الإسرائيلية (“كان 11”) عن مسؤولي إسرائيلي رفيع قوله: “على ما يبدو، فإنه من المتوقع أن ترد إسرائيل بشكل متناسب على الهجوم”؛ فيما نقل موقع “واللا” عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله: “إسرائيل سترد على الهجوم، لكن المسألة تتعلق بالكيفية والتوقيت”، على حد تعبيره.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، إن “إيران ليست مشكلة إسرائيلية فقط، بل هي مصدر للإرهاب الذي يضر بالعالم أجمع، ويجب ألا نبقى صامتين في وجه هذا الإرهاب الذي يضر أيضًا بحرية الملاحة”.
ويهدد تصاعد الصراع الإسرائيلي الإيراني في المياه القريبة من دول الخليج العربي، سلامة الملاحة الدولية، والإقليمية، والتجارة، ونقل النفط، وقد يتسبب بخسائر تصل إلى مليارات الدولارات، مع تضرر مصالح الدول التي لديها موانئ تطل على هذه المياه.
ويعد بحر العرب الممر الأهم لتصدير النفط العراقي والكويتي والإماراتي والسعودي إلى أوروبا، ووصول البضائع والشحنات إلى تلك الدول وباقي دول الخليج.
وتمتلك إيران سيطرة بحرية على مضيق هرمز الرابط بين بحر العرب والخليج والذي يمر عبره نحو خُمس نفط العالم، وهو ما يزعج إسرائيل، التي تحاول دائماً التضييق على الإيرانيين، وتحاول منعهم من الالتفاف على العقوبات.
المصدر: رأي اليوم