انتبهوا للمصطلحات والمفاهيم فهي مفاتيح العلوم، ولذلك تحتاج لغير قليل من الحيطة والحذر.
كلمة (عملاق) صفة لا تليق بالأدب وأهله، وخاصة منه الشعر..
العملقة صفة تتنافى مع الأحاسيس والمشاعر والتعبير عنها ...
كانت العرب ونتيجة لالتصاقها ببيئتها، واجتراح لغتها من تلك البيئة تطلق صفة ( الفحل) على فئة معينة من الشعراء، وتحصرهم بذلك دون غيرهم، وكلنا نتذكر كيف فاضل الأصمعي بين الشعراء على أساس الفحولة .. والفحولة مصطلح تم اقتراضه من معجم الإبل، تماما مثلما تم اقتراض العروض ومصطلحاته من معجم الخيمة والخباء..
وكما تم اقتراض مصطلح عمود الشعر من معجم الهوادج والسواري..
والسبب في اعتبار الشاعر الأسمى (فحلا) يعود إلى ظاهرة شياطين الشعر وكيف كان الشعراء يفاخرون بعضهم بذكورية شياطينهم مقابل أنثوية شياطين خصومهم..
يقول أبو النجم العجلي :
إِنّي وَكُلُّ شاعِرٍ مِنَ البَشَرْ == شَيطانُهُ أُنثَى وَشَيطاني ذَكَرْ
فَما رَآني شاعِرٌ إِلّا اِستَتَرْ == فِعلَ نُجومِ اللَيلِ عايَنَّ القَمَرْ
ومنه قول بيدر ولد الامام الجكني :
لشعري عن الأشعار عندي مزية == حلفتُ يمينا ثم لا أختشي حنثا
فأحرفُ شعري بالمعاني سمينة == وأحرف شعر الغير خمصانة غرثى
وشيطان شعري في المحافل سيدٌ == وشيطان شعر الغير شيطانة أنثى
لكن العرب رغم معرفتهم بالعملقة وبأمة العماليق التي اشتقت منها لفظة ( عملاق) للدلالة على العظمة والعجرفة والقوة.. لم يستخدموا - فيما اطلعت عليه - هذه الصفة في وصفهم للشعر ولا للشعراء ..
ورغم أن التجديد والتطوير مطلوب في الأدب وفي لغته الواصفة، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب الذوق والدلالة...
فليت المشتغلين بالأدب عندنا وخاصة في الجهة اللهجية توقفوا عن استخدام هذا المصطلح فهو منفّر أكثر مما هو مرغّب..
--------------
من صفحة الأستاذ الشيخ سيدي عبد الله على الفيس بوك