نتفق كلنا على أن ما يحدث في غزة شيء مؤسف وحزين، إخوان وأخوات في الدين يُقتلون ويُستشهدون، مسؤول كالعادة مكتوفو الأيدي ،يرون الظلم والإستبداد ولا يحركون ساكنا، يكتفون بالتنديد والرفض من بعيد، غزة تعاني من بطش وظلم الإسرائيليين، تخوض حربا ضدهم ولوحدها بأسلحتها البسيطة، والعرب جميعا نيام في سبات عميق، ألهتم مصالحهم الخاصة ومشاكلهم الداخلية عن أهم قضية عربية إسلامية، ففلسطين شئنا أم أبينا جزء لا يتجزأ من كياننا ودمنا العربي، وما يحدث لها هو نتيجة تقاعد زعماء الأمة وتقاعسهم عن واجبهم إتجاهها،لكن في نفس الوقت لا يجب جلد أنفسنا كثيرا، فحتى أبناء فلسطين يلعبون دورا مهما في تفاقم الأزمة وإستمرارها، فالصراع بين الفصائل المسلحة وأهم القيادات هناك فتح الشهية لنتنياهو وغيره لكي يغتال ويقتل من يشاء وفي أي وقت، فلو كان الداخل موحدا ومنظما لما إستطاع أحد التسلل وبث الفتنة، ضف إلى ذلك عدم وجود قائد حقيقي ورئيس يخافه العدو ساهم في تردي الأوضاع.
فالرئيس الفلسطيني” أبو مازن” للأسف فشل في مهمته، وأصبح لعبة بين أمريكا وإسرائيل، وعوض الإهتمام بالقضايا المهمة تجده يخطو خطوات زملائه في الحكم ويتخذ قرارات لا تمت بصلة للأوضاع الراهنة، مثل إغلاقه أكثر من تسعين موقعا إلكتروني ، فمهمة الرئيس في أي بلد هو التقريب من وجهات النطر وعدم الإنحياز لواحدة على حساب أخرى، وهذا رأيناه مع الشهيد أبو عمار، فرغم الإختلاف أنذاك إلا أنه إستطاع مسك العصا من الوسط وتجميع أبناء البلد الواحد في سلة واحدة، فالتخلص من الإحتلال والتعسف يكون بالتوحد والإتفاق على إخراج العدو من الأرض لا محاربته فقط لتخويفه وردعه عن ممارساته الشنعاء، فقد حان الوقت يا أصحاب الحق لطرد الذين إغتصبوا أرضكم وحرموكم منها بالتهجير القصري وبناء المستوطنات لفسح المجال ليهودهم بالعودة وخاصة المنتشرون في الولايات المتحدة الأمريكية، فالإحصائيات تبين أن الذين هاجروا من إسرائيل في السنوات القادمة بلغ سبعمئة ألف ، يعود خمسة ألاف سنويا مُقابل هجرة عشرين ألف سنويا، ويزيد صافي الهجرة اليهودية المعاكسة على نحو 13 ألف سنويا، لذا فقد حان الوقت لوضع النقاط على الحروف والإعتماد على النفس وعدم إنتظار أي مساعدة.
أما فيما يخص عمليات القتل التي تستهدف القادة الفلسطنيبن داخل وخارج فلسطين فسببها يعود إلى الخيانة والعملاء الذين تُشغلهم إسرائيل لحسابها، فالصهاينة جذورهم ممتدة في كل العالم، ولهم جواسيس يعملون معهم وبمُقابل مادي كبير، لذا وجب أخذ الحيطة والحذر، ومعاقبة كل من تُسول له نفسه خيانة أرضه، فكما نجحت فصائل المقاومة في خلق غرفة عمليات مشتركة ، أن الاوان لإقامة غرفة عمليات إستخبارتية مشتركة لمحاربة الإختراق وملاحقة العملاء،فنحن أمام عدو غاشم لا يرحم ولا يهمه سوى مصلحته، عدو إستغل الأوضاع المُزرية في فلسطين وإستعمل أبنائها كطعم، ولهذا يجب عدم التهاون مع كل جاسوس والقضاء عليه وإعدامه أمام الملأ ليكون عبرة للغير. أما عن مكاسب وخسائر نتنياهو من هذه الحرب التي بحسب عديد الأحزاب في اسرائيل لم تأتي في وقتها، فإغتيال نتنياهو لأبو العطا جاء من خلفية شخصية وحزبية بحتة، وليُلقب برجل الأمن والسلام، ويستعيد عافية الجيش الإسرائيلي المصنف في أدنى المراتب، لمنع تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة غانتس، وفرصة لكسب الوقت لإيجاد مخرج من الملاحقات القضائية التي مُتهم فيها.
ولكن على ما يبدو أن مقاومة الجهاد الإسلامي كانت في الموعد وكانت له بالمرصاد، لدرجة أنه أصبح يبحث عن السلام ويُناشد في الخفاء لوقف إطلاق النار، فالإسرائيليون لن يتحملوا مكوثهم أكثر في ملاجئ خاصة لتجنب الصواريخ ولن يغفروا لنتنياهو أي خطر يُحدق بهم وبأولادهم، وكل هذا سيدفعهم لترك إسرائيل والتشتت في دول العالم كما هم الان. على كل حال نتمنى التوفيق لإخواننا هناك، فما يحس بالجمرة غير اللي عافص عليها، ونحن مهما كتبنا ونددنا وشعرنا إلا أن الواقع يقول أن هناك الكثير من أبناء فلسطين يموتون بصواريخ العدو، فلله درك يا فلسطين.
كاتبة جزائرية