هكذا يخبرنا حصاد عقود من الزمن، ترددت فيها اجيال الموريتانيين على المدارس والجامعات، والنتيجة مضروبة في الصفر...فعلى عكس بقية العالم، فشل التعليم الحديث عندنا في خلق أي وعي حضاري اومعرفي او علمي، ولم يفرز مجتمعا يليق بالدولة الحديثة...فهل المشلكة من المناهج والمنظومات ام من المجتمع الميؤوس منه..؟
لازال وعي المجتمع وتفكيره وسلوكه هو ذاته قبل التمدرس الحديث..ولا زال المواطن الذي تخرج من مشوار طويل يبدأ أحيانا حتى من الروضة فالابتدائية ثم الثانوية واخيرا الجامعة، يملك نفس سلوك وأخلاق ووعي وتحضر البدوي المتخرج من التعليم الاصلي، او حتى الذي لم يتعلم حرفا في حياته..
نمط التفكير لدى الدكتور العلمي هي نفسها الروح الخرافية لدى البدوي الجاهل نزيل الارياف النائية، فترى هذا الدكتور يغادر مصحات العاصمة بطفله الى "حجّاب" ليعلق في رقبته "اسليك" وطشة من "الودع" بحجة "اطياح الحلك" او"ريشة الغذروف"...الطبيبة المتخصصة في النساء تهرول الى دجال في اقاصي الارض ليعالج ابنها من مخلفات "الشهوة" او من "السّل" و"الكحلان"...الرئيس يثق في ان بقاءه في السلطة معلق بأسنان خنزير بري لدى احد السحرة، وكذلك بقية الوزراء....خريجو الجامعات غالبيتهم الساحقة عبارة عن طابور هزيل فكريا ومعرفيا يترنم بأمجاد القبيلة والأسرة والجهة، بتعفن لاحدود له...اما نظرة المجتمع المتعلم الى الدولة والقانون والمؤسسات والديمقراطية والرشوة والمحسوبية، فحدث ولاحرج..
انه مجتمع فشل التعليم المعاصر في تحديثه وتغيير عقلياته وسلوكه واخفقت المدارس والجامعات في خلق انسان مختلف عن كائنه البدائي الاول، وعجزت عن احراز تقدم طفيف بثلم ماتختزنه جمجتمه من تكلس للخرافة والرجعية والبداوة..وبالتالي فعلى دولة القبيلة ان تستفيد من المليارات التي تدفع كرواتب للمعلمين والاساتذة وحتى الاطباء..ولنُعِد عقرب الوقت الى عصر التلقين تحت الخيام والتداوي بالكي والتشراط والماسخة واكليع النظرة واشراب "فلجيط"...((والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون))..
-----
من صفحة الأستاذ التاه احمنيه على الفيس بوك