نعم الجولة الأولى انتهت.. وبقيت جولات.. ثانية.. وثالثة.. ورابعة.. فالمُقاومة موجودةٌ.. وقويّةٌ.. ولم تتخلَّ عن عقيدتها وأهدافها وما زالت.. تظلّ باقيةً على أرضها تُمارس حقّها المشروع في الدفاع عن النفس، والتصدّي للعُدوان، وحماية بلدها وكرامة أمّتها وعقيدتها.
عندما يؤكّد السيّد حسن نصر الله في خطابه بالأمس أنّ استهداف الآليّة الإسرائيليّة، وفي قلبِ قاعدةٍ عسكريّةٍ إسرائيليّة، على بُعد كيلومترين من الحُدود من لبنان “ليس ردًّا للاعتبار، وإنّما لتثبيت مُعادلات وقواعد الاشتباك”، ويُشدّد على أنّ الزمن الذي كانت تخترق فيه الطائرات المُسيّرة الإسرائيليّة الأجواء اللبنانيّة قد ولّى، وسيتم التصدّي لها، وإسقاطها، فإنّ هذا يعني أنّ التصعيد مُستمر، والتّهدئة مُؤقّتة، ومعها القلق الإسرائيليّ أيضًا، وأنّ المعارك مستمرّة حتى الوصول إلى الحرب الكُبرى التي لن تُغيّر المُعادلات فقط وإنّما الخرائط أيضًا، ونحن نتحدّث هُنا عن الخرائط الإسرائيليّة.
المُهم أنّ “حزب الله” ردّ على العُدوان الإسرائيلي، وبطريقةٍ مدروسةٍ، بعنايةٍ فائقةٍ، وبِما يُجنّب لبنان في هذه المرحلة الصّعبة الحرب والدّمار، وهذا موقفٌ مسؤولٌ يضع في اعتباره أنّ هُناك شُركاء في لبنان أوّلًا يجب أخذ وجهة نظرهم حتى لو كانت مُختلفةً، وأنّ هُناك شُركاء أيضًا في محور المُقاومة يجب التّنسيق معهم، والتّأكّد من استعدادهم لأيِّ حربٍ ثانيًا.
“حزب الله” ردّ عاميّ 2015 و2016 على عُدوانات إسرائيليّة مُماثلة، واستهدف عربات إسرائيليّة مُدرّعة في مِنطقة مزارع شبعا المحتلّة، وها هو يرُد هذه المرّة وبشكلٍ أعمق، أيّ أنّه توعّد ونفّذ وعيده.
سيُدرك الإسرائيليّون أنّ أيّ عُدوان جديد على لبنان و”حزب الله” على وجه التحديد، سيُقابل بالرّد الفوري، ولن يكون هُناك أيّ انتظار للزمان والمكان المُناسبين، فالحُدود الدوليّة سقطت، ولم تعُد هُناك أيّ خُطوط حُمر مثلما حرِص السيّد نصر الله على التّأكيد في خطابه الأخير.
لا نعتقد أنّه سيكون هُناك مكان للوسطاء في أيِّ معركةٍ قادمة، وهي قادمةٌ حتمًا، ولن يجِدوا من يردّ على هواتفهم من حُلفائهم، ولا نقول عُملاءهم، لأنّ الرّد ربّما يكون أكبر حجمًا، وأكثر ألمًا، وأسرع تنفيذًا.
الحُروب لا تُقاس بمعركةٍ هُنا وهُجومٍ هُناك، وإنّما بالنتائج النهائيّة، وكلنا ثقة، بأنّه طالما كانت هُناك مُقاومة لن تكون هذه النتائج في مصلحة الإسرائيليين المُعتدين، وما حالة الرعب التي يعيشها نِتنياهو وقومه من جرّاء الصواريخ الدقيقة، وإصرار ترامب على وضع نظيرتها الإيرانيّة الأضخم على قمّة جدول أيّ مُفاوضات مُحتملة مع القيادة الإيرانيّة إلا تأكيدٌ على ما نقول.
يظَل “حزب الله” هو العُنوان الأعرض للمُقاومة في زمن التطبيع العربي، وتظل بوصلته وطنيّةً، وإنجازاته التي تتحدّث عنه في انتصارات عام 2000، وعام 2006، تقول هذا لكُل المُشكّكين، والمُطبّعين، فالسيّد نصر الله إذا قالَ فعَل، إذا توعّد نفّذ، والأيّام المُقبلة ستُثبِت ما نقول.
“رأي اليوم”