خاص 28 نوفمبر محمد محمد فال
بين الفينة والأخرى تعرف أسعار المواد الغذائية والتموينية ارتفاعا مضطردا في السوق الموريتانية. الأسبوع الماضي شهد اكبر ارتفاع تعرفه أسعار الخضروات في السوق المحلية متأثرة بأزمة نشبت على المعبر الحدودي مع الجارة المغرب.
28 نوفمبر زارت كلا من أسواق المواد الغذائية والخضروات في العاصمة نواكشوط حيث حاورت كبار التجار، وبائعي نصف الجملة وتجار الخضروات، وصغار الباعة، وربات الأسر المترددات على الأسواق لمعرفة ملابسات الزيادات التي اعتبرت مذهلة، وغير مسبوقة.
انعدام الحيلة
على طاولة عرض بدت شبه فارغة تجلس "منينة" بائعة الخضروات في حي (الاتحادية) الشعبي بمقاطعة دار النعيم، تعتذر المرأة التي تعيل أسرة من خمسة أطفال صغار هي معيلهم الوحيد لزبنائها في الحي الفقير بأن الأسعار التي تصفها بالجنونية حالت دون اقتنائها لأصناف الخضروات التي تبيعها لزبنائها من سكان الحي.
"منينه" صرحت لـ28 نوفمبر بأن الأسعار الحالية هي الأعلى منذ بدأت هي بممارسة هذه المهنة في السنوات العشر الماضية، وتضيف منينه بعد رفض التصوير أنها حتى لو اقترضت لشراء البضاعة فإن زبائنها لن يستطيعوا دفع الثمن الذي أصبحت عليه الخضروات نظرا لحالة الفقر التي تسود بينهم.
وتعتقد منينه أن اغلب المشترين في الحي لجئوا إلى وجبات شعبية في انتظار عودة أسعار الخضراوات إلى سابق عهدها.
في إطار استطلاعنا لرأي كبار الباعة في سوق الخضروات زرنا السوق المعروف شعبيا بـ(مرصت المغرب) هناك التقينا ببعض التجار الذين يبيعون بالجملة وبنصف الجملة سألناهم عن الأسعار والفروق التي طرأت خلال الأسبوع الماضي كانت الإجابات متفقة على أن الزيادة وصلت في الأعلى حدود 350% وذالك وفق الجدل التالي:
( انظر الصورة رقم 2 المرفقة توضح الأسعار)
ثبات بعض أسعار الخضروات على حالها كما يظهره الجدول المشار إليه فسره من التقيناهم من تجار السوق بتوفر مخزون كبير منها لدى بعض التجار وهو ما ساهم في عدم تأثر أسعارها بالارتفاع الذي شهدته أسعار المواد الأخرى.
أحمد ولد اعلي تاجر نصف الجملة في سوق الخضروات بالعاصمة نواكشوط قال لـ28 نوفمبر إن سبب الأزمة عرضي، وهو مرتبط حسب قوله بأزمة المعبر الحدودي مع الجارة المغرب والتي نجمت عن خلاف بين ملاك الشاحنات المغربية وسلطة المعبر، معتبرا أن الموردين المغاربة قالوا لهم بأن سبب الأزمة الرئيسي يتعلق بخلاف مع الجمارك المغربية على الحدود بفعل فرض تعريفة جمركية جديدة ما تزال محل رفض من قبل أصحاب الشاحنات، رغم أنهم يضيف ولد اعلي طمأنوهم أن الأزمة في طريقها إلى الحل. وهو رأي لا تتفق معه فاطمة وهي ربة منزل التقيناها أمام احد المحلات وقد دخلت في خصام مع أحد التجار حول الأسعار الجديدة. تقول قاطمة إنها اشترت للتو 2 كيلو من الطماطم بسعر كان يضمن لها في السابق اقتناء حاجتها من الخضروات لمدة أسبوع كامل، وتضيف السيدة التي قالت إنها موظفة بنكية إن تجار السوق استغلوا لازمة للتلاعب بالأسعار وفق أهوائهم، معتبرة أن الجهات الحكومية المعنية بضبط السوق تخلت أيضا هي الأخرى عن مسؤولياتها حيث كان عليها على الأقل-وفق رأيها- إصدار بيان رسمي يوضح ملابسات الأزمة.
ارتفاع... مع فروق بسيطة
سوق المواد الغذائية في قلب العاصمة نواكشوط المعروف شعبيا بـ(شارع الرزق) كان محطتنا الثانية في استجلاء حقيقة الحديث عن الأسعار وحجم الزيادات التي طرأت عليها، بعد سبر الآراء من قبل التجار والزبائن على حد سواء تبين أن الأسعار تتأرجح بين الثبات والارتفاع الطفيف منذ منتصف العام الماضي وذالك على النحو الذي يظهره الجدول التالي
( الصورة رقم 2 توضح مقارنة الأسعار)
أحمد القاسم تاجر نصف جملة اعتبر أن الأسعار المعتمدة في السوق هذه الأيام تعرف ثباتا منذو نحو العام، معتبرا أن أزمة الارتفاع التي يتحدث عنها الإعلام غير موجودة في سوق المواد الغذائية، وهو رأي اتفق معه أغلب رواد السوق رغم أنهم اعتبروا أنها أسعار تثقل كاهل المواطن.
تقرض قضية ارتفاع الاسعارنفسها دائما بوصفها مبررا كافيا لخلق أزمة اجتماعية في البلد في ظل تدني دخل الفرد وتفشي البطالة، وفي التاريخ الموريتاني الحديث توجد شواهد كثيرة مثل أزمة الخبز في تسعينيات القرن الماضي ورسوم قانون السير الذي تم تجميد العمل به قبل نحو سنتين. رغم أن الجهات الرسمية تقول إنها يقظة حيال ما يمس جيب المواطن، بيد أن أزمة أسعار الخضروات الحالية تلقي بغيوم من الشك حول غياب إستراتجية رسمية لمراقبة الاسعار لحماية حقوق المستهلكين الموريتانيين من التأثيرات السلبية لتقلبات السوق.