كشف فريق دولي من علماء الآثار أن سكان مجتمع مدينة Çatalhöyük القديمة، التي تقع وسط تركيا الحديثة، تعرضوا للأوبئة المعدية والعنف والمشكلات البيئية.
وشهد أفراد المجتمع الزراعي القديم (قبل 9 آلاف عام)، أسوأ الظروف التي يمكن أن يقدمها المسكن الحضري.
وفي تقرير عن النتائج التي توصلت إليها جامعة ولاية أوهايو، يقول العلماء إن الأدلة في المدينة القديمة تقدم نظرة ثاقبة على مخاطر انتقال الحضارات البدوية إلى ترتيبات المعيشة الدائمة.
واحتُلت Çatalhöyük لأكثر من 1100 عام، وسكنها (في ذروتها) 8 آلاف نسمة. وعلى الرغم من طول العمر النسبي للمستوطنات، وقع المجتمع في النهاية ضحية لعدد من الآثار الجانبية للحياة الحضرية، بما في ذلك العنف بين الأفراد.
وخلال الدراسة التي استمرت 25 عاما، جمع العلماء بيانات حول أكثر من 740 من الرفات، ووجدوا أن زهاء 25% من الجماجم تتميز بوجود علامات الصدمة.
وعلى وجه التحديد، أظهرت الجماجم علامات على الشفاء من التلف الناجم عن القذائف الصغيرة، يُفترض أنها نشأت عن كرات طينية صغيرة أطلقها الأفراد باستخدام المقلاع.
ويقول فريق البحث إن العنف لم يكن التأثير الجانبي الوحيد للتجربة الحضرية، حيث عانى أفراد المجتمع من العديد من المشكلات الصحية، نتيجة الانتقال المفاجئ من الحياة البدوية.
وتسببت التغييرات الغذائية، خاصة التحول إلى نظام غذائي قائم على الحبوب، في إصابة العديد من سكان المستوطنة بتسوس الأسنان، وفقا لدراسة 10 إلى 13% من الأسنان المكتشفة.
وكانت المساكن المكدسة حرفيا فوق بعضها البعض، غير صحية ما جعلها حاضنة للأمراض.
وكشف العلماء أنه في النهاية لم يكن المرض أو العنف هما سبب فناء Çatalhöyük في عام 5959 قبل الميلاد، حيث يوجد تهديد آخر مألوف ناجم عن النوع البشري، وهو تغير المناخ.
وبسبب تصحر الشرق الأوسط المتزايد وتآكل جودة الأراضي المحيطة بالحياة الحضرية، أُجبر السكان على الهجرة والبحث عن الغذاء والموارد في أماكن أخرى.
وتقدم النتائج الجديدة نظرة مطورة على شكل مدن العصر الحجري الحديث، كما تساعد أيضا في رسم مسار حول كيفية تطور المدن من أقدم المستوطنات المعروفة إلى المدن العصرية المترامية الأطراف، التي نراها اليوم.
ونُشرت الدراسة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.
المصدر: ديلي ميل