من مظاهر نكوصنا المعرفي أيضا أننا في الستينات السبعينات وبعض من الثمانيات كنا قبلة للمثقفين العرب، شعراء وكتابا ونقادا ومؤرخين .. زارنا سندباد العرب يونس بحري في الستينات وكتب عنا كتابه ( موريتانيا الاسلامية - بيروت 1961)، زارنا يوسف مقلد وكتب عنا (شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون)و ( موريتانيا الحديثة) ، زارنا موفق العاني وكتب عنا كتابه ( موريتانيا موطن الشعر والفصاحة) زارنا طه الحاجري وكتب عنا ( الشعر العربي في موريتانيا - الحلقة المفقودة).. زارنا شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا، زارنا درويش وادونيس و الطيب صالح وعباس الجراري.. زارنا سليم زبال فأودع الدنيا لقب ( بلاد المليون شاعر)... زارنا حسن حنفي وطارحناه القضايا الفلسفية الكبرى في الجامعة ..
ومنذ التسعينات أصبحنا قبلة للكتاب التجار، الباحثين عن الثروة عن طريق تلميع الأنظمة ونشر الأكاذيب المنمقة عن الوضع المعيشي للناس .. كنا حقل تجارب لنفاق فرانسوا سودان وجون افريك.. كنا أرض ميعاد ليوسف السالم ....
لم نعد نحتفي بأهل المعرفة.. ولم تعد مؤسساتنا تهتم بدعوة غير القشور وأشباه الشعراء والأدباء ..وآخر قامة تذرف الدمع حبا فينا هي عبد الرزاق عبد الواحد :
سألتُ الله شمسُك لا تغيــــبُ == وليلُك فجرُه أبدا قريـــــــب
وأجراس القصائد فيك نشوى == لها وقع بمسْمعنا عَجيب
ونوقك لا يشيخ لها حنيــــن == ولا يجفو بأضرعها الحليب
وتبقى كبرياؤك لا تـــدانى == ولا يدنو لها كــــدر مريب
ومثل نقاء هذا الرمل تبقى == نفوس بنيك من ألق تطيب
سألت الله أن يبقيك بيــــتي == وأعلم أن ربَّك يستجيــــب
لأنك أنت يا شنقــــيـــط أم == تشيب الأمهات ولا تشيــب
إنه مظهر آخر من مظاهر نكوصنا الثقافي عندما تتحول المسارح والمنصات إلى رواكح للتطبيل والنفاق العابر للحدود...
---------------
من صفحة الأستاذ الشيخ سيدي عبد الله على الفيس بوك