- شيخ مسن متقاعد، في زاوية مستشفى، يئنُ و يُخفي أنينه، و يُخفي حاجته للناس ببسمة يُجاهد نفسه ليرسمها حتى ترد اليد الممدودة إليه.
- أم و أطفالها تُوقف سيارة أجرة، ملابسها بالية، و أطفالها تبدو عليهم سيماء سوء التغذية، تقترب من السائق، تسأله بصوت خافت:
هل يُمكنك أن تُوصلنا بمائة أوقية، هي كل ما أملك.
- خريجُ جامعة، اقتطع أهله من مأكلهم و مشربهم ليكون، و حين تخرج، تقاذفه الأحزاب حتى أدمت التعاسة قلبه، و حين ذاق طعم المُرِ و عرف بأن الشيخ موسى هو موسى الشيخ، كان قد تجاوز الأربعين، بلا وظيفة و لا زواج و لا مائة أوقية، ثم لا يستحي أن يكون حواريا لمسيح كسيح.
- حمال في الميناء، تعرفه منذ مدة، يأكل من عرقه، لم يسألك من قبل شيئا، رغم قربه منك، يُلقي السلام، ثم لا يبتعد كثيرا، في انتظار انفضاض العمال عنك، تُلاحظ ذلك، بعد دقائق يأتي إليك:
فلان، و الله العظيم الكريم، لم نطبخ طعاما منذ يومين، و كنتُ أبحثُ عنك...
- سيدات في طريق الميناء، يُغربلنَ الحصى، لاستخلاص حبات من قمح، هي وجبات بيوتهن، ينتزعنها من التراب، حين عزَّ انتزاعها من أيدي اللصوص.
*حين يكون هذا وطني، و هذا حال غالبية أهله، لا تُحدثوني عن انتخابات بوجوه مكررة مستنزفة، لا ماء فيها.
___________
من صفحة الاستاذ صلاح الدين الجيلي على الفيس بوك