أشاد سفير الولايات المتحدة الأمريكية المعتمد لدى موريتانيا، مايكل دودمان، بالنجاحات التي حققتها موريتانيا في مجال تأمين كامل حدودها ضد النشاط الأرهابي الذي تعاني منه معظم دول منطقة الساحل والصحراء؛ مبرزا أن هذه النجاحات تمت بفضل السياسة الأمنية الناجعة التي انتهجتها موريتانيا خلال العشرية المنصرمة من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
واعتبر دودمان أنه لاحظ بنفسه تجسيد هذه النجاحات ميدانيا من خلال تنقلاتها المتكررة في مختلف ولايات موريتانيا، بما في ذلك المناطق المتاخمة للحدود، شمالا وشرقا وجنوبا وشمالا؛ داعيا الشركات والمستثمرين في بلاده إلى اغتنام جو الأمن السائد هنا وإقامة شراكات مثمرة مع الشركات ورجال الأعمال في موريتانيا.
ونوه دودمان، في مقابلة خَص بها وكالة "موريتانيا اليوم" ، بمتانة العلاقات الثنائية بين واشنطن ونواكشوط؛ مؤكدا أن "الشراكة بين موريتانيا والولايات المتحدة قوية للغاية، وستزداد قوة وصلابة في السنوات القادمة".
واوضح الدبلوماسي الأمريكي أن هذه الشراكة "تقوم على ثلاثة ركائز أساسية هي : التعاون الإمني، التعاون الاقتصادي، وتعزيز الديمقراطية وسيادة دولة القانون وحقوق الإنسان"؛ مبرزا أن من "أفضل رموز علاقاتنا هو بناء هذه السفارة الجديدة والجميلة والتي تم افتتاحها العام الماضي، حيث تمثل بناية ضخمة وحديثة تناسب حجم ومستوى الشراكة بين الأمتين العظيمتين؛ الموريتانية والأمريكية".
وبخصو عدم موافقة بلاده على منح القوة المشتركة لدول مجموعة الساحل الخمس تفويضا ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ أكد السفير دودمان أن واشنطن "تدعم، بقوة، مبادرة مجموعة دول الساحل الخمس، بما في ذلك القوة الإقليمية المشتركة.. وتعتقد أن المبادرات الإقليمية مثل مبادرة مجموعة الساحل 5 هي، بالضبط المقاربة الصحيحة التي تناسب المنطقة؛ لذا أعلنت بلادي عن تخصيص مبلغ 110 ملايين دولار أمريكي كمساهمة في تمويل هذه القوة المشتركة، ودعم مختلف الكتائب المشكلة لها .
و أضاف " انتم محقون فحكومة بلدي لا تعتقد أن التفويض بموجب الفصل من ميثاق الأمم المتحدة ضروري أو مناسب للقوة المشتركة لمجموع دول الساحل الخمس نحن نخشى أن يؤدي ذلك إلى سباق مزعج من طرف مبادرات إقليمية مماثلة للحصول على تفويض من الأمم المتحدة، الأمر الذي سيحد من قدرة البلدان ذات السيادة على الاجتماع بمفردها لمواجهة التهديدات، وهذا الموقف لا يقلل، بأي شكل من الأشكال، من الحماس او الدعم الأمريكي لمجموعة دول الساحل الخمس بما في ذلك القوة المشتركة"..
نص المقابلة :
موريتانيا اليوم :
كيف تقيمون مستوى العلاقات بين الولايات المتحدة وموريتانيا الآن؟
سعادة السفير مايكل دودمان :
أولاً، شكراً لكم على إتاحتي فرصة التحدث إلى قرائكم. بعد سنة من العمل في موريتانيا، أعرب لكم عن كامل احترمي وأعجابي بالشعب الموريتاني. في شهر فبراير الماضي وحده قمت بزيارة لشرق وجنوب وشمال البلاد، مما سمح لي بالاطلاع بشكل أفضل على جمال وتنوع هذه الأرض وشعبها.
إنه لشرف لي عظيم أن أمثل حكومة وشعب الولايات المتحدة الأمريكية هنا في موريتانيا.
أعتقد أن الشراكة بين الولايات المتحدة وموريتانيا قوية للغاية، وستزداد قوة في السنوات القادمة.
تقوم شراكتنا على ثلاثة ركائز: التعاون الأمني، والتعاون الاقتصادي، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.
إن تركيزي الشخصي سيكون على بناء الجانب الاقتصادي لهذه العلاقة بطريقة تدعم ازدهار الأمريكيين والموريتانيين معا، فبالاعتماد على شركاء مثل منتدى الأعمال الذي انشئ مؤخرا بين الولايات المتحدة وموريتانيا، أنا واثق من أننا سنشهد المزيد من التدفق التجاري والاستثماري بين البلدين.
ويسعدني هنا أن أوضح أن نطاق العلاقات الثنائية يقاس بشكل متزايد بمستوى التبادلات التجارية والاستثمارات، وليس بحجم المساعدات.
إن شراكتنا الأمنية قوية وهي ذات أهمية للحكومتين، واصدق مثال على ذلك التدريبات العسكرية الأخيرة، فلينتلوك، التي جرت في مدينة أطار.
كما اننا سنواصل العمل عن كثب مع حكومتكم والمجتمع المدني لمساعدة موريتانيا على تحقيق أهدافها في بناء مجتمع يكون أكثر عدلاً وازدهارًا ويوفر فرصًا متساوية لجميع مواطني موريتانيا.
وبالنسبة لي، أجد أفضل رموز قوة علاقتنا هو بناء هذه السفارة الجديدة الجميلة التي افتتحناها العام الماضي في نواكشوط : فهي عبارة عن مبنى كبير وحديث يتناسب مع الشراكة المتنامية بين أمتينا العظيمتين.
موريتانيا اليوم :
اعتمدت موريتانيا مقاربة أمنية باتت تشكل نموذجا ناجحا في مجال محاربة الإرهاب في منطقة الساحل ... كيف تنظرون إلى هذه المقاربة؟
سعادة السفير مايكل دودمان :
لقد خطت موريتانيا بالفعل خطوات كبيرة في مواجهة تهديد التطرف الذي أثر مع الأسف على العديد من البلدان في منطقة الساحل.
أنا فخور بأن المساعدة الأمنية الأمريكية لموريتانيا قد دعمت هذا الجهد، ولكن هذا الانجاز هو أولاً وقبل كل شيء إنجاز موريتاني تستحق عليه حكومة موريتانيا وجيشها الثناء.
إننا نشيد بالدور المتنامي الذي تلعبه موريتانيا في الشؤون الأمنية الإقليمية، وذلك من خلال اسهاماتها في أمن دول الساحل الخمس وفي عمليات حفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى.
إن إحدى العلامات الدالة على أهمية الشراكة الأمنية بيننا هي أن الولايات المتحدة وموريتانيا اتفقتا على أن تكون موريتانيا هي المستضيف الرئيسي لمناورات فلينتلوك العسكرية في العام المقبل.
ويعتبر فلينتلوك أكبر وأهم تمارين لمكافحة الإرهاب تنظمه الولايات المتحدة في القارة الإفريقية.
وهو يجمع بين الجيش وقوات الامن والمجتمع المدني وغيرها من الجهات الفاعلة في البلدان في جميع أنحاء أفريقيا للعمل جنبا إلى جنب مع نظرائهم من الولايات المتحدة ومع أعضاء حلف الناتو الآخرين.
لقد صمم فلينتلوك للسماح للمشاركين بالتعلم من بعضهم البعض والتمرس معا على كيفية هزيمة الإرهاب.
لدى موريتانيا العديد من الدروس الهامة التي يمكن تقدمها في هذا المجال، لذا يسرني جداً أن تعمل الحكومتان معاً خلال الأشهر المقبلة لضمان نجاح هذه العملية الهامة.
موريتانيا اليوم :
موريتانيا مقبلة على أول انتقال ديمقراطي للسلطة وفقاً للقواعد الديمقراطية المنصوص عليها في الدستور.
حيث ان الرئيس الحالي، محمد ولد عبد العزيز، على وشك إنهاء فترتين رئاسيتين وقرر الانسحاب احتراما للدستور ... تماماً مثل ما يحدث في أمريكا، على سبيل المثال ... ما هو تقييمك لفترة حكم الرئيس ولد عبد العزيز؟
سعادة السفير مايكل دودمان :
انا موجود في موريتانيا منذ عام واحد فقط، لكنني أدرك التقدم الكبير الذي حققته البلاد خلال فترة حكم الرئيس ولد عبد العزيز.
ويشمل ذلك التحسينات الأمنية التي تحدثت عنها للتو، والتحسينات في مناخ الأعمال في موريتانيا، وكذلك الطرق الجديدة والمدارس وغيرها من أشكال البنية التحتية الضرورية لإتاحة الفرص والنجاح لكل مواطن موريتاني.
من المؤكد أن قرار الرئيس القاضي باحترام الدستور سيكون جزءًا هامًا من إرثه.
لا ينبغي أن يكون من المفاجئ لقرائكم أن الولايات المتحدة تؤمن إيمانا راسخا بأن وجود نظام ديمقراطي نابض بالحياة أمر مهم لتحقيق مستقبل مستقر ومزدهر يرغب فيه جميع الموريتانيون ويستحقونه.
وبالتطلع إلى الانتخابات هذا الصيف، تأمل الولايات المتحدة أن يتم إبلاغ جميع الناخبين الموريتانيين، عن طريق النقاش بين المرشحين المختلفين، حول مشاريعهم المتعلقة بمستقبل البلاد، وبعد ذلك سيتمكنون من الإدلاء بأصواتهم في عملية شفافة وسلمية تحدد من يقود البلد للسنوات الخمس المقبلة.
نحن ندعم العملية الديمقراطية، ولا ندعم أي مرشح بالذات.
وانا أتطلع إلى العمل بجد مع الرئيس الذي سيختاره الشعب الموريتاني ومع حكومته.
موريتانيا اليوم :
أنشأت خمس من دول الساحل الافريقي، بينها موريتانيا قوة مشتركة لمكافحة الارهاب في هذه المنطقة، لكنها لم تحصل علي تفويض من الامم المتحدة تحت البند السابع من ميثاق المنظمة الدولية بسبب عدم موافقة بلدكم علي ذلك، ما تقييمكم لهذه المبادرة الاقليمية؟
وهل تتوقع أن توافق واشنطن علي منح القوة المشتركة المذكورة التفويض الاممي المطلوب؟
سعادة السفير مايكل دودمان :
أريد أن أكون واضحًا جدًا: ان الولايات المتحدة الأمريكية تدعم بقوة مبادرة مجموعة دول الساحل الخمس، بما في ذلك القوة المشتركة للمجموعة.
إننا نعتقد أن المبادرات الإقليمية مثل مبادرة مجموعة دول الساحل الخمس- والتي من بين أهدافها التنسيق القوي عبر الحدود ومعالجة تحديات الحكم والتنمية والاستقرار بالإضافة إلى العمليات الأمنية - هي بالضبط المقاربة الصحيحة لمنطقة الساحل.
في العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن تخصيص تمويل ب 110 مليون دولار أمريكي للمساعدة في دعم مختلف الكتائب التي ستشكل القوة المشتركة.
سوف نقوم بتسليم المعدات العسكرية التي تم التعهد بها لموريتانيا خلال فصل الربيع.
ان الولايات المتحدة الأمريكية تحيي الدور القيادي الذي تلعبه موريتانيا في مجموعة دول الساحل، بما في ذلك استضافة الأمانة الدائمة للمجموعة وكلية الدفاع، بالإضافة إلى تعيين اللواء حننا ولد سيدي كقائد للقوة المشتركة.
أنت على حق. ان حكومة بلدي لا تعتقد أن التفويض بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضروري أو مناسب للقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس.
نحن نخشى أن يؤدي ذلك الي سباق مزعج من طرف مبادرات اقليمية مماثلة للحصول على تفويض من الأمم المتحدة، الأمر الذي سيحد من قدرة البلدان ذات السيادة على الاجتماع بمفردها لمواجهة التهديدات الإقليمية التي تواجهها.
لا يقلل هذا الموقف بأي شكل من الأشكال من الحماس أو الدعم الأمريكي لمجموعة دول الساحل الخمس، بما في ذلك عمل القوة المشتركة.
يسعدني جداً تعييني الممثل الرسمي للولايات المتحدة لدى الأمانة الدائمة للمجموعة هنا في نواكشوط. وحسب علمي فان الولايات المتحدة الامريكية هي البلد الوحيد الذي عين ممثلاً لدى المجموعة.
أخيرا، اسمحوا لي أن أعرب عن تعازي القلبية الحارة لحكومة وشعب مالي، وكذلك للقيادة المشتركة لقوة مجموعة الساحل، في وفاة تسعة جنود من القوات المالية في هجوم يوم 1 مارس الجاري بمنطقة موبتي.
موريتانيا اليوم :
تم مؤخرا اكتشاف كميات هائلة من الغاز الطبيعي في المنطقة الحدودية بين موريتانيا و السينغال و سيتم استخراجه لاحقا، كيف تنظرون لمستقبل المنطقة في ظل هذه الاكتشافات؟
سعادة السفير مايكل دودمان :
إن اكتشاف حقل غاز تورتو من قبل الشركة الأمريكية كوزموس، إلى جانب الاتفاق التاريخي الذي تم توقيعه في أواخر العام الماضي بين موريتانيا والسنغال والذي مهد الطريق للمضي قدما في المشروع، هو في الواقع تطور كبير لكلا البلدين.
فبسبب هذا الاكتشاف الكبير، تبحث حاليا أكبر شركات النفط العالمية عن حقول نفط وغاز إضافية في المياه الموريتانية.
وبالفعل، فإن العمل الاستكشافي الذي تقوم به شركة إكسون موبيل قبالة سواحل موريتانيا هو أكبر عمل تقوم به الشركة في أي بلد.
عندما تبدأ صادرات حقل غاز تورتو عام 2022، ستبدأ موريتانيا في جني تدفقات هائلة جديدة من هذه العائدات والسؤال الرئيسي الذي يحتاج الموريتانيون البدء في نقاشه والرد عليه الآن هو كيف سيتم استثمار هذه الأموال.
سوف توفر هذه الثروة للبلاد فرصة ذهبية لتحفيز برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستثمار في المدارس والرعاية الصحية والبنية التحتية والبحث وغيرهما من المجالات التي - إن تم الاستثمار فيها بحكمة - ستخرج الملايين من الفقر وستقدم مساهمة كبيرة للحكومة للقضاء على مخلفات العبودية.
أود أن أكد انه من الضروري لموريتانيا أن تستثمر هذه الأموال في أهم مورد لها الا وهو شعبها.
هنالك جانب ثان مهم. لقد بدأنا نرى بالفعل العديد من الشركات الأمريكية والدولية الأخرى التي تبحث عن فرص الاستثمار في موريتانيا.
ليس فقط شركات النفط والغاز، ولكن أيضا المهتمين بالسياحة والأعمال الزراعية والقطاعات الرئيسية الأخرى التي ستدعم اقتصاد موريتاني أكثر تنوعا.
لاتزال الشركات التي أتحدث معها تثير تساؤلات حول سيادة القانون في موريتانيا وحول التزام البلاد بحقوق الإنسان والشفافية.
لقد حققت موريتانيا تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة حسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، ومن المهم لموريتانيا إحراز مزيد من التقدم في هذا المجال لجني الفوائد الكاملة للثروات الموجودة قبالة سواحلها.
أشكركم مرة أخرى على اتاحة فرصة التواصل مع قرائكم. أتمنى أن تكون هذه المقابلة قد أظهرت لكم كم أنا متحمس للدفع بالشراكة القوية بين الولايات المتحدة الأمريكية وموريتانيا ومستقبل كل من بلدينا العظيمين.