أعلن الرئيس السوري، بشار الأسد، أن تحرير محافظة إدلب سيمثل أولوية بالنسبة للجيش السوري في عملياته المقبلة، فيما وعد بالقضاء على كل عناصر "الخوذ البيضاء" الرافضين للمصالحة.
أولويات الجيش
وقال الأسد، في مقابلة موسعة مع عدد من وسائل الإعلام الروسية نشر نصها اليوم الخميس، ردا على سؤال حول أولية القوات الحكومية: "منذ بداية الحرب، حينما سيطر الإرهابيون على بعض المناطق في سوريا، أكدنا بوضوح أن واجبنا كحكومة يكمن في تحرير كل شبر من الأرض السورية".
وأشار الأسد إلى الإنجازات الميدانية الأخيرة التي حققها الجيش السوري، لا سيما استعادة كامل منطقة الغوطة الشرقية وتحرير معظم أراضي جنوب غرب البلاد، حيث تقترب عملية انتزاع السيطرة عليها من نهايتها.
وتابع الرئيس السوري: "الآن هدفنا هو إدلب، لكن ليست إدلب وحدها، وهناك بالطبع أراض في شرق سوريا تسيطر عليها جماعات متنوعة".
وأضاف موضحا أن من بين هذه الجهات تنظيم "داعش"، الذي بقيت لديه بؤر صغيرة، وكذلك "جبهة النصرة" وتشكيلات متطرفة أخرى.
وأكد الأسد: "لهذا السبب سنتقدم إلى كل هذه المناطق، والعسكريون سيحددون الأولويات، وإدلب واحدة منها".
مصير الخوذ البيضاء
من جهة أخرى، خير الأسد عناصر تنظيم "الدفاع المدني السوري"، المعروف باسم "الخوذ البيضاء"، بين المصالحة مع الحكومة أو تصفيتهم.
ووصف الأسد في المقابلة "الخوذ البيضاء" بالغطاء للإرهابيين من "جبهة النصرة"، مشيرا إلى من ترك البلاد من عناصر ما يسمى بـ"الدفاع المدني" هم على الأرجح قياديون في التنظيم.
وأشار إلى أن الكثير من "الخوذ البيضاء" مسلحون، مضيفا بأن الحكومة السورية تعمل حاليا على المصالحة معهم.
وتابع الأسد أن بعضهم بقوا في سوريا كمدنيين وألقوا أسلحتهم، فيما توجه أغلبهم إلى محافظة إدلب حيث يمكنهم العيش مع "إخوتهم الإرهابيين"، الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف في هذه المحافظة حاليا.
وشدد الرئيس السوري على أن "مصير الخوذ البيضاء هو نفسه الذي يواجهه كل إرهابي"، وأردف مبينا: "لديهم خياران، إلقاء الأسلحة والاستفادة من العفو، كما يحدث ذلك على مدار 4 أو 5 سنوات ماضية، وإما تصفيتهم على غرار الإرهابيين الآخرين".
رسالة للاجئين
من جانب آخر، دعا الأسد جميع اللاجئين السوريين الذين غادروا البلاد بسبب الحرب، لا سيما هؤلاء الذين كانت لديهم استثمارات في سوريا، للعودة إلى وطنهم.
وقال الأسد في المقابلة: "نرغب في أن يعود كل سوري إلى سوريا خاصة منذ تحقيق الانتصار على الإرهاب في حلب أواخر العام 2016، والآن نطرد الإرهابيين بكثافة أكثر، ولقد تم تحرير معظم الأراضي السورية منهم".
وأضاف الرئيس السوري: "لذلك ندعو اللاجئين، لاسيما الذين كانت لديهم أعمال خاصة بهم، للعودة إلى البلاد".
وأشار الأسد إلى أن نصف العام الماضي شهد عودة عدة آلاف لاجئ سوري فقط، لافتا إلى أن العراقيل الأساسية أمام عودتهم تتمثل بتدمير البنية التحتية ومنازلهم.
وأكد أنه مع ذلك هناك أمور ضرورية لا بد من حلها لكي يواصل اللاجئون حياتهم في سوريا بشكل طبيعي، وأوضح: "لهذا السبب تفعل حكومتنا كل شيء ممكن لإعادة إعمار البنية التحتية، لكن ذلك غير كاف".
وتابع: "يجب كذلك التفكير في إحياء الاقتصاد وخلق ظروف العمل وإقامة المدارس وبالدرجة الأولى بناء البيوت لهم لكي يكون لديهم مكان للإقامة".
وفي رده على سؤال توضيحي حول المدة المحتملة لعودة اللاجئين، قال الأسد إن هذا الأمر يتوقف على رغبتهم "لأن البعض منهم لا يزال يعتقد أنه ذلك أمر مبكر جدا ويريدون أن تكون سوريا محررة من الإرهابيين بشكل كامل".
وأردف: "كل شخص يتخذ القرار حول ذلك بنفسه، لكن العملية انطلقت والناس يعودون".
جانبان للوجود العسكري الروسي في سوريا
وعلى صعيد آخر، أكد الأسد أن وجود القوات الروسية في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام أمر ضروري من وجهتي نظر التوازن السياسي في العالم ومكافحة الإرهاب.
وقال في هذا السياق: "إن وجود القوات الروسية مهم بالنسبة للمعادلة في منطقتنا حتى أن يتغير التوازن السياسي في العالم، وهذا قد لا يحدث على الإطلاق، نحن لا نعرف ذلك، لهذا السبب هذا الأمر مهم بل ضروري".
واعتبر الأسد أن الوجود العسكري الروسي في سوريا "لديه جانبان"، موضحا أن "الأول يكمن في محاربة الإرهاب، لأن الروس يحمون من خلال ذلك كلا من سوريا وروسيا والدول الأخرى، فيما الثاني يتمثل بالتوازن العسكري والسياسي في العام".
وتابع الرئيس السوري: "روسيا ليست دولة صغيرة، إنها قوى عظمى، لهذا السبب تتحمل واجبا إزاء كل العالم كما تتحمل مسؤولية عنه".
ولفت إلى أن "جزءا من هذه المسؤولية يمثله الوجود السياسي والعسكري في مختلف مناطق العالم حال وجود ضرورة لذلك".
المصدر: وكالات روسية