في لعبة قشور الموز / محمد ولد محمد فال | 28 نوفمبر

في لعبة قشور الموز / محمد ولد محمد فال

أحد, 08/03/2020 - 11:37
محمد ولد محمد فال

مع انقضاء المأوية الثانية من حكمه يواصل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تعزيز نمطيته في ممارسة السلطة من خلال مقاربة تعتمد البطأ في الإنجاز الذي يصاحبه أيهام الرأي العام المحلي ان التأسيس للديمومة يتطلب المزيد من إتاحة الفرصة له ولحكومته.

3/1

عشية تسلمه شؤون تسيير البلد من صديقه الرئيس السابق ولد عبد العزير لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع ان يحدث التدابر ( سياسيا) بينهما بهذه السرعة. لكن الغموض البناء الذي طالما وصف به رجل المؤسسة العسكرية الذي يدير شؤون البلد اليوم تمكن من وضع صديقه ومن خلاله الطبقة السياسية موالاة ومعارضة امام الحقيقة التي نعيشها اليوم.
فبعد نحو خمسة اشهر من الطلاق بين الاثنين يمكن القول ان مؤسسة الحكم في البلاد في راهن المرحلة دخلت في مواجهة مع لعبة قشور موز لم تكن تتوقعها.
الرييس المنصرف محمد ولد عبد العزيز حكم البلاد وفق أليات متعددة. استقوى بالجيش وبعض المعارضة الراديكالية لتثبيت أركان حكمه في خمسيته الاولى. بينما في خمسيته الاخيرة جعل من الغاية مبررا للوسيلة فأخرج بيرام من السجن بعد محرقته لكتب التراث الاسلامي ووفر له التزكية السياسية والمال الانتخابي ليكون منافسا في انتخابات محسومة النتايج مسبقا.ومن هنا بدأ الشحن العرقي والمناطقي يأخذ مكانته بين الموريتانيين على حساب البرامج الانتخابية واستمر الحال حتى في الاربع والعشرين ساعة الاخيرة من حكم الرجل عندما أفشل اتفاق تقاسم السلطة مع (أيرا).
ولد الشيخ الغزواني الذي التقى بيرام كما التقى بقية زعماء المعارضة يبدو أنه افهم زعيم (إيرا) ان قواعد اللعبة تغيرت ولذالك يمم النائب الرلماني وجهه نحو أوربا بحثا عن دعاية أعلامية تعودها.
كثير من المحللين قرءوا في رفض ولد أعبيدي المشاركة في لجنة التحقيق البرلمانية وفاء منه لنظام اشترك معه في الكثير من الملفات التي كان ضحيتها الاولى السلم الاهلي والسكينة العامة لمجتمع ظل يفخر بتنوعه الذي هو صمام أمانه الوحيد في وجه عاديات الزمن.

3/2

محاربة الفساد أولوية لكل راغب في مواجهة مشكلات شعبه. بيد ان اارئيس ولد الشيخ الغزواني لم يمنحها تلك الهالة الأعلامية التي منحها سلفه.
تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في صفقات العشرية الماضية فاجأ كثرين. فالرئيس الحالي يحكم بنفس الشخوص التي كان يحكم بها صديقه مع استثناءات قليلة..وأغلب الأطر الذين يتولون تسيير شؤون اليلد اليوم تحوم حول تسييرهم شبهات فساد لذا فأنه من السذاجة الاعتقاد پانه يمكنك قيادة السيارة بعجلات مهترئة.
اعلان البرلمان يوم امس عن نيته التعاقد مع خبراء دوليين في القانون لمساعدة اللجنة في مهمتها هي خطوة في الاتجاه الصحيح. لان محاربة الفساد تتطلب عملا فنيا بحتا يحدد الاختلات. واضرارها والمسؤولين عنها بعيدا عن الاستهداف السياسي او الفئوي.
الموريتانيون يتطلعون لأن تكون اللجنة البرلمانية باكورة عمل مؤسساتي يستأصل شأفة الفساد الذي عرقل الكثير من المشاريع التنموية ووسع من دائرة الفقر بين مواطني البلد.
ثمة بعد أخر ينبغي التفطن له يتمثل في محاربة تفشي ظاهرة تمجيد المفسدين..فالذايقة الاجتماعية تعرف ربكة جعلتها تنظر الى لصوص المال العام كما لو أنهم سادة مجتمع وصناع راي عام الامر الذي يتطلب حملة أعلامية هادفة متوازية مع تفعيل مبدأ العقوبة الصارمة وأنهاء منطق الأستفادة الأقتصادية مقابل الولاء السياسي

3/3

العمق الاستيراتيجي للدبلوماسية الموريتانية هو طاقة معطلة بعض الشيي. فالعلاقة المتوازنة مع جيراننا الأقربين ظلت دوما معيارا لنجاح سياستنا الخارجية.
الاسابيع الماضية كانت انواكشوط مزارا لوفود رفيعة افريقيا وعربيا وغربيا وقد لمح الرئيس خلال لقائه مع الصحفين ان الأمر كان مدروسا وينتظر منه نتائج معينة.
موريتانيا التي ستتحول رفقة السينغال الى قطب اقليمي لإنتاح وتصدير الغاز تبدو اليوم بدبلوماسية أكثر اتزانا وعقلانية. فالعلاقة مع السينغال التي نمتلك مع تاريخا لم يسلم من الاضطرابات تمر بأحسن مراحلها بعد أن منحت حوافز تفضيلية في قطاع الصيد فضلا عن تأمين إنسيابية تسيير الغاز مستقبلا. نفس الامر ينطبق على الجزائر والمغرب وأن كان إعلام الأخيرة شن هجوما على الرئيس بعد تجديده للموقف الموريتاني من قضية الصحراء الغربية.
في الازمة الخليجية يعرف عن الرئيس ولد الشيخ الغزواني ارتباطه بعلاقة متينة مع رجل الأمارات القوي محمد بن زايد وقد لقي من الحفاوة والمساعدات عند الأماراتيين ما أثلج صدور قطاع عريض من الموريتانيين. لكن موقفه من قطر لايزال غير واضح عند الكثيرين الذين يرغبون في تطبيع العلاقة معها سبيلا الى الاستفادة الاقتصادية من وراء ذالك.
في العلاقة مع الغرب يبدو نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني اقرب ألى الموقف الأمريكي ولبريطاني منه الى نظيره الفرنسي..ففرنسا ليست مستثمرة بما يكفي في الغاز الموريتاني السينغالي. فضلا عن أنها تشعر بان الموريتانيين ليسوا متحمسين لخططها في منطقة الساحل ولذالك ربط كثيرون تجدد الحديث عن المسألة العرقية خلال الفترة الحالية بحالة عدم الرضى تلك. خاصة ان لعبة قشور الموز هي في الأساس لعبة فرنسية بامتياز.